الشعر هو روح اللغة العربية ويعد الشعر العربي من أبرز الأشعار على الصعيد العالمي، وهناك العديد من الأبيات التي تواجدت منذ سنوات عديدة ومال زال أثرها مستمر إلى وقتنا الحالي، وفي الآونة الأخيرة ازدادت التساؤلات حول إذا أتَتْكَ مذمتي من ناقص من القائل، وذلك الأمر الذي سنتحدث عنه عبر هذا المقال.
إذا أتتك مذمتي من ناقص من القائل
هذا البيت من الأبيات الشعرية التي ترددت كثيراً من جانب فئة كبرى من الأشخاص، وينتمي البيت إلى صاحبه المتنبي الذي يمتلك شهرة واسعة على الصعيد العربي، وتقول الأبيات ما يلي:
- وإذا أتتك مذمتي من ناقص ** فهي الشهادة لي بأني كامل.
ومعنى هذا البيت الشعري المميز أن المتنبي يقول أنه إذا ذمه ناقص كان ذمه دليل على فضله عليه، لأن الناقص لا يحب الفاضل لما بينهما من التناقض والتنافر بكل تأكيد.
قد تعجبك: إذا الشدائد أقبلت بجنودها من القائل.
الابيات كاملة
لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ
أَقفَرتِ أَنتِ وَهُنَّ مِنكِ أَواهِلُ
يَعلَمنَ ذاكِ وَما عَلِمتِ وَإِنَّما
أَولاكُما يُبكى عَلَيهِ العاقِلُ
وَأَنا الَّذي اِجتَلَبَ المَنِيَّةَ طَرفُهُ
فَمَنِ المُطالَبُ وَالقَتيلُ القاتِلُ
تَخلو الدِيارُ مِنَ الظِباءِ وَعِندَهُ
مِن كُلِّ تابِعَةٍ خَيالٌ خاذِلُ
اللاءِ أَفتَكُها الجَبانُ بِمُهجَتي
وَأَحَبُّها قُرباً إِلَيَّ الباخِلُ
الرامِياتُ لَنا وَهُنَّ نَوافِرٌ
وَالخاتِلاتُ لَنا وَهُنَّ غَوافِلُ
كافَأنَنا عَن شِبهِهِنَّ مِنَ المَها
فَلَهُنَّ في غَيرِ التُرابِ حَبائِلُ
مِن طاعِني ثُغَرِ الرِجالِ جَآذِرٌ
وَمِنَ الرِماحِ دَمالِجٌ وَخَلاخِلُ
وَلِذا اِسمُ أَغطِيَةِ العُيونِ جُفونُها
مِن أَنَّها عَمَلَ السُيوفِ عَوامِلُ
كَم وَقفَةٍ سَجَرَتكَ شَوقاً بَعدَما
غَرِيَ الرَقيبُ بِنا وَلَجَّ العاذِلُ
دونَ التَعانُقِ ناحِلَينِ كَشَكلَتَي
نَصبٍ أَدَقَّهُما وَصَمَّ الشاكِلُ
اِنعَم وَلَذَّ فَلِلأُمورِ أَواخِرٌ
أَبَداً إِذا كانَت لَهُنَّ أَوائِلُ
ما دُمتَ مِن أَرَبِ الحِسانِ فَإِنَّما
رَوقُ الشَبابِ عَلَيكَ ظِلٌّ زائِلُ
لِلَّهوِ آوِنَةٌ تَمُرُّ كَأَنَّها
قُبَلٌ يُزَوَّدُها حَبيبٌ راحِلُ
جَمَحَ الزَمانُ فَما لَذيذٌ خالِصٌ
مِمّا يَشوبُ وَلا سُرورٌ كامِلُ
حَتّى أَبو الفَضلِ اِبنُ عَبدِ اللَهِ رُؤ
يَتُهُ المُنى وَهيَ المَقامُ الهائِلُ
مَمطورَةٌ طُرقي إِلَيها دونَها
مِن جودِهِ في كُلِّ فَجٍّ وابِلُ
مَحجوبَةٌ بِسُرادِقٍ مِن هَيبَةٍ
تَثني الأَزِمَّةَ وَالمَطِيُّ ذَوامِلُ
لِلشَمسِ فيهِ وَلِلرِياحِ وَلِلسَحا
بِ وَلِلبِحارِ وَلِلأُسودِ شَمائِلُ
وَلَدَيهِ مِلعِقيانِ وَالأَدَبِ المُفا
دِ وَمِلحَياةِ وَمِلمَماتِ مَناهِلُ
لَو لَم يُهَب لَجَبُ الوُفودِ حَوالَهُ
لَسَرى إِلَيهِ قَطا الفَلاةِ الناهِلُ
يَدري بِما بِكَ قَبلَ تُظهِرُهُ لَهُ
مِن ذِهنِهِ وَيُجيبُ قَبلَ تُسائِلُ
وَتَراهُ مُعتَرِضاً لَها وَمُوَلِّياً
أَحداقُنا وَتَحارُ حينَ يُقابِلُ
كَلِماتُهُ قُضُبٌ وَهُنَّ فَواصِلٌ
كُلُّ الضَرائِبِ تَحتَهُنَّ مَفاصِلُ
هَزَمَت مَكارِمُهُ المَكارِمَ كُلَّها
حَتّى كَأَنَّ المَكرُماتِ قَنابِلُ
وَقَتَلنَ دَفراً وَالدُهَيمَ فَما تُرى
أُمُّ الدُهَيمِ وَأُمُّ دَفرٍ هابِلُ
عَلّامَةُ العُلَماءِ وَاللُجُّ الَّذي
لا يَنتَهي وَلِكُلِّ لُجٍّ ساحِلُ
لَو طابَ مَولِدُ كُلِّ حَيٍّ مِثلَهُ
وَلَدَ النِساءُ وَما لَهُنَّ قَوابِلُ
لَو بانَ بِالكَرَمِ الجَنينُ بَيانَهُ
لَدَرَت بِهِ ذَكَرٌ أَمُ اَنثى الحامِلُ
لِيَزِد بَنو الحَسَنِ الشِرافُ تَواضُعاً
هَيهاتَ تُكتَمُ في الظَلامِ مَشاعِلُ
سَتَروا النَدى سَترَ الغُرابِ سِفادَهُ
فَبَدا وَهَل يَخفى الرَبابُ الهاطِلُ
جَفَخَت وَهُم لا يَجفَخونَ بِهابِهِم
شِيَمُ عَلى الحَسَبِ الأَغَرِّ دَلائِلُ
مُتَشابِهِي وَرَعِ النُفوسِ كَبيرُهُم
وَصَغيرُهُم عَفُّ الإِزارِ حُلاحِلُ
يا اِفخَر فَإِنَّ الناسِ فيكَ ثَلاثَةٌ
مُستَعظِمٌ أَو حاسِدٌ أَو جاهِلُ
وَلَقَد عَلَوتَ فَما تُبالي بَعدَما
عَرَفوا أَيَحمَدُ أَم يَذُمُّ القائِلُ
أُثني عَلَيكَ وَلَو تَشاءُ لَقُلتَ لي
قَصَّرتَ فَالإِمساكُ عَنّي نائِلُ
لا تَجسُرُ الفُصَحاءُ تُنشِدُ هَهُنا
بَيتاً وَلَكِنّي الهِزَبرُ الباسِلُ
ما نالَ أَهلُ الجاهِلِيَّةِ كُلُّهُم
شِعري وَلا سَمِعَت بِسِحرِيَ بابِلُ
وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ
فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
مَن لي بِفَهمِ أُهَيلِ عَصرٍ يَدَّعي
أَن يَحسُبَ الهِندِيَّ فيهِم باقِلُ
وَأَما وَحَقِّكَ وَهوَ غايَةُ مُقسِمٍ
لِلحَقُّ أَنتَ وَما سِواكَ الباطِلُ
الطيبُ أَنتَ إِذا أَصابَكَ طيبُهُ
وَالماءُ أَنتَ إِذا اِغتَسَلتَ الغاسِلُ
ما دارَ في الحَنَكِ اللِسانُ وَقَلَّبَت
قَلَماً بِأَحسَنَ مِن نَثاكَ أَنامِلُ
مولد أبي الطيب المتنبي ونسبه
ولد هذا الرجل داخل الكوفة عام 303 في منطقة تسمى كندة، وكان هناك اختلاف من جانب المؤرخون في النسب الخاص به، فالبعض قد نسبه إلى كندة وهي من قبائل العرب الشهيرة.
والبعض الآخر قد نسب أبي الطيب المتنبي إلى حي كندة داخل الكوفة الذي ولد به وأنكروا النسب إلى قبيلة كندة، فضلاً عن الاختلاف في اسم الوالد له.
بعض من المؤرخين قال أن اسم المتنبي هو أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار الجعفي، والبعض الآخر قال أنه أحمد بن محمد بن الحسين به عبد الصمد الجعفي.
وكان هناك آخرون قالوا إن اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي، وقيل كذلك أن والده كان شيخ يطلق عليه عبدان، ولم يأتي على ذكر والده في أي ديوان خاص به، ولم يفتخر به ولم يقم بمدحه، حتى حين وفاته لم يرثه، ولذلك قال البعض أنه لا يعرف والده.
وإلى وقتنا الحالي لم يتمكن المؤرخون من التعرف على سبب تجاهل المتنبي ذكر والده في الشعر، فهل كان السبب أنه لا يعرفه بالفعل؟ أم أن أباه كان رجل بسيط ولم يكن له قيمة من أجل ذكرها؟ لا أحد يعلم.
بينما والدته فلا يعرف اسمها ولا الأصل الخاص بها ولا البلد التي تنتمي إليها، ولكن قيل أنه بعد موتها كفلته جدته وأحبته وعطفت عليه بشكل كبير، وعملت على تربيته لحين اشتد عوده وأصبح رجل ولم يعرف اسمها هي الأخرى ولا اسم أبيها.
وبعض من الرواة قالوا أن جدته كانت من الكوفة وكانت تنسب إلى بني همدان، وأنها كانت امرأة صالحة إلى حد بعيد ولم يذكر المتنبي عن نسب والدته شيء في ديوانه، ولكنه قد أشار إلى أن نسبها كان كريم في بيت رثاها به.
حياة أبي الطيب المتنبي التعليمية
في إطار الحديث عن إذا أتَتْكَ مذمتي من ناقص من القائل يجب الحديث عن تعليم هذا الرجل، الذي قد التحق بالكتاب الذي كان ينتمي إليه أبناء أشراف العلويين من أجل تلقي علوم اللغة سواء من نحو أو شعر أو بلاغة.
إضافة إلى كل ذلك كان يقضى المتنبي أغلب أوقاته ملازم للوراقين حتى يقرأ الكتب الخاصة بهم، وبناء عليه اكتسب معظم علمه من ذك، وقد كان يحب العلم والأدب بشكل كبير ومنذ صغره وهو يمتلك قوة في الحفظ والذكاء.
وأحد الرواة قد قال قصة طريقة عن قوة حفظ المتنبي في صباه، وهي أن واحداً من الوراقين قد قال أنه قد جاء ليبيع كتاباً يحتوي على 30 صفحة، والمتنبي كان لديه وقتها فأخذ الكتاب وأخذ يقلب في الصفحات الخاصة به ويطيل النظر بها.
قال له هذا الرجل لقد عطلتني عن بيعه الكتاب إذا كنت ترغب في حفظه في تلك الفترة القصيرة فذلك بعيد عليك، قال المتنبي له إن كنت حفظته فما لي عليك؟ رد عليه سوف أعطيك هذا الكتاب، فقال الوراق أنه أخذ الكتاب يراجع صفحاته والمتنبي يتلو ما به لحين آخره.
ظل المتنبي يقيم في البادية أكثر من عامين وقد عاشر فيهما الأعراب واستفاد منهم، واكتسب الفصاحة وتمكن من اللغة العربية بصورة كبيرة، وكان كثير الرواية وجيد النقد إلى حد بعيد بناء على ما ذكر عنه.
كان المتنبي من المكثرين من نقل اللغة العربية وكان يطلع عليها بكثرة وعلى الغرابة الخاصة بها، ولم يكتف كذلك بما قد حصل عليه من علم من الأعراب داخل البادية ومن ملازمة الوراقين، ولا من العلم الذي حصل عليه في كتاب الكوفة.
عمل المتنبي على الاتصال بالعلماء وقد سافر إليهم وعمل على مصاحبتهم بشكل كبير وتعلم الكبير على أيديهم، ومن بين أهم هؤلاء العلماء نجد نفطويه، السكري، أي بكر محمد بن دريد، أبي عمران موسى إضافة إلى أبي القاسم عمر بن سيف البغدادي، وقد تعلم منهم الكثير وانتقل من مكان إلى مكان قاصدا
في الختام نكون أتممنا الإجابة على إذا أتَتْكَ مذمتي من ناقص من القائل، ونتمنى أن تكون حصلت على الاستفادة التي تحتاجها، وندعوك لقراءة أبيات شعر أخرى عن طريق موقعنا.